مقتطفات مأخوذة من موسوعة عبد الله بن عبّاس ـ ج 01 (لـ محمد مهدي الخرسان)، تُسلّط الضوء على تاريخ قُصيّ في مكة، قد تُساعدنا في فهم وتحديد قريش الجينية…
واقع مكة قبل الإسلام:
وقعت مكة في دائرة التنازع الذي كان قائماً بين الإمبراطورية الفارسية والبيزنطية، وقد بُذلت محاولات من جانب الأحباش والبيزنطيين للسيطرة عليها، لكن رجال مكة عارضوا التدخل في شؤونهم واستطاعوا أن يتعاملوا مع الفرس والروم على السواء، كما كانوا يحذقون التعامل مع الأعراب من أهل البادية. وكانت مكة قد دخلت في طور النظام الاجتماعي بعد أن مرت بطور من الاضطراب والرحلات والغزوات والقتال على السيادة.
وقد أظهرت قريش قدرة على التنظيم، فاستطاعت أن تقيم نوعاً من التنظيم الحكومي في مكة، هو في جوهره تنظيم قبلي تطور بحسب مقتضيات ظروف الاستقرار في مكة، وبحسب اتصالاتها الواسعة وقيامها على التجارة واحتكاكها بالعالم المُتحضّر. وقد تميّزت الوظائف الحكومية إلى نوعين رئيسيّين:
الأول: الوظائف المتعلقة بالكعبة وهي السدانة والسقاية والرفادة.
الثاني: ما يتعلق بإدارة الشؤون العامة في البلد الحرام.
نبوغ قُصيّ في مكة:
يبدأ تاريخ مكة الحقيقي من أيام قصي بن كلاب بن مرة القرشي الذي تولى أمر مكة حوالي منتصف القرن الخامس الميلادي، وبحكم قصيّ استقرت قبيلة قريش في مكة، ونهضت بها، وجعلت منها مدينة ذات مركز اقتصادي وديني وأدبي ممتاز، وأصبحت تتمتع بتوجيه عربي عام في أواخر القرن السادس وأوائل السابع حين ظهر الإسلام. وكان قُصيّ أول رجل من بني كنانة أصاب ملكاً، وأطاع له به قومه فكانت إليه الحجابة، والرفادة، والسقاية، والندوة، واللواء، والقيادة. فحاز قُصيّ شرف مكة وأنشأ دار الندوة وفيها كانت قريش تقضي أمورها، ولم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصي إلاّ ابن أربعين سنة للمشورة، وكان يدخلها ولد قصي كلهم أجمعون، وحلفاؤهم.
وكان عبد مناف بن قصي قد شَرُفَ في زمان أبيه وذهب شرفه كل مذهب، ولم يبلغ بنو قصي ولا أحد من قومهم من قريش ما بلغ عبد مناف من الذكر والشرف، وبدت بوادر تنذر بالشر نتيجة الحسد، فأجمع قصي أن يقسم أمور مكة الستة التي فيها الذكر والشرف والعز بين ابنيه، عبد الدار -وهو أكبر بنيه- فأعطاه السدانة (وهي الحجابة) ودار الندوة، واللواء، وأعطى عبد مناف السقاية، والرفادة والقيادة. وهكذا امتازت مكة عن غيرها بنحو من التنظيم الذي سنّه قصيّ، والذي يكفل لقريش وأبنائه مكان الزعامة والصدارة ما قاموا بتلك الشؤون.
مكانة قريش بيـن العرب:
وأصبحت زعامة قريش بين العرب زعامة حقيقية لا شك فيها قبل الإسلام، وأبرز مثل يوضح هذه الزعامة القرشية هو أنه حين وقفت قريش موقف المعارضة للنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يجد استجابة -كاملة- لدعوته بين العرب، فلمّا ألقت قريش لواء المعارضة بعد فتح مكة سنة 8 هـ لم يلبث العرب أن دخلوا في الإسلام طائعين.
تركيبة قبائل مكة:
وكان الفعل والتأثير في مكة للقبائل المهمة، والزعماء المهمين، والباقون تبعٌ لهم الى حد كبير…
فقد وصف ابن هشام اجتماع دار الندوة الذي بحث فيه قادة القبائل “مشكلة” نُبوّة محمد بن عبد الله (ص)، فقال: وقد اجتمع فيها “أشراف” قريش:
من بني عبد شمس بن عبد مناف: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب بن أميّة.
ومن بني نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم، والحارث بن عامر بن نوفل.
ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن كلدة.
ومن بني أسد بن عبد العزى: أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب، وحكيم بن حزام.
ومن بني مخزوم: أبو جهل بن هشام.
ومن بني سهم: نبيه ومنبه ابنا الحجاج.
ومن بني جمح: أميّة بن خلف.
ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش، فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما رأيتم… إلى آخر الحادثة الشهيرة من محاولة قتل الرسول الأعظم (ص)…
وقال ابن هشام: مسميّاً المنفقين على جيش المشركين في بدر:
وكان المطعمون من بني هاشم بن عبد مناف: العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
ومن بني نوفل بن عبد مناف: الحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل.
ومن بني أسد بن عبد العزى: البختري بن هشام بن الحارث بن أسد، وحكيم بن حزام بن خويلد.
ومن بني عبد الدار بن قصي: النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار.
https://fgc8712.files.wordpress.com/2017/02/quraysh-lines.png