من لدنّ آدم إلى عبدالمطلّب

دليل حديثي قديم يذكر أسماء أبرز آباء النبي (ص) من آدم إلى عبدالمطلّب (عليهم السلام):

روى العلاّمة المسعودي (283 – 346 هـ) – مؤرخ وجغرافي ورائد نظرية الانحراف الوراثي والمعروف بهيرودوتس العرب – وهو من ذرية الصحابي عبد الله بن مسعود وصاحب كتاب “مروج الذهب“: خطب أمير المؤمنين (ع) خطبة يصف فيها انتقال نور سلالة سيّدنا محمّد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) من لدنّ آدم إلى أنْ وُلِدَ، فقال بعد الحمد لله:

(اللّهم، فَمَن جَهِل فضلَ محمّدٍ صلَّى الله عليه وآله، فإنّي مُقِرٌّ بأنّك ما سطحتَ أرضاً ولا برأْتَ خَلْقَاً حتّى أحْكَمْتَ خَلْقه، وأتقنتَ من نور سبقت به السلالة، وأنشأتَ آدم له جرماً، فأودعتَه منه قراراً مكيناً ومستودعاً مأموناً، فنقلتَه من بينهما ـ أي من بين آدم وحوّاء ـ إلى شيث اختياراً له بعلمك، فأيّ بشر كان اختصاصه برسالتك ـ يعني كان شيث رسولاً ـ ثمّ نقلته إلى أَنُوش، فكان خلف أبيه في قبول كرامتك واحتمال رسالتك ـ أي كان أَنُوش رسولاً ـ ثمّ قدرت نقل النور إلى قينان، وألحقتَه في الخطوة بالسابقين وفي المنحة بالباقين ـ يعني جعل الله تعالى قينان كآدم وشيث وأَنُوش رسولاً ـ ثمّ جعلت مهلائيل رابع اجرامه قدرة تودعها من خلقك مَن تضرب لهم سهم النبوّة وشرف الأبوّة، حتّى تناهى تدبيرك إلى أخنوخ، فكان أوّل مَن جعلتَ من الأجرام ناقلاً للرسالة وحاملاً لأعباء النبوّة ـ يعني كانوا من مهلائيل إلى أخنوخ رسلاً ـ وسبحانك ما أبين اصطفائك لإدريس على سائر خلقك من العالمين، وأنعمت عليه نعمة حرَّمتها على خلقك إلاّ مَن نقلت إليه نور الهاشميّين ـ يعني إلاّ مَن نقلت إليه نور النبي (صلَّى الله عليه وآله) جعلته رسولاً مصطفى ـ وجعلتَه ـ أي إدريس ـ أوّل منذر من أنبيائك، ثمّ أذنت في انتقال نور محمّد (صلَّى الله عليه وآله) من القابلين له مَتوشَلَخِ ولَمَك المفضين به إلى نوح، فأي آلائك يا ربّ لم تُوْلِهِ، وأي خواص كرامتك لم تعطه، ثمّ أذنتَ في إيداعه ساماً دون حام ويافث، ثمّ تتابع عليه القابلون من حامل إلى حامل ومودع إلى مستودع من عترته في فترات الدهور، حتّى قبله تارَخ، أظهر الأجسام وأشرف الأجرام، ونقلته إلى إبراهيم، ثمّ خصصتَ به إسماعيل دون وُلد إبراهيم، فلم تزل تنقله من أب إلى أب حتّى قبله كنانة عن مدركة، فأخذت له مجامع الكرامة، ومواطن السلامة وأحللتَ له البلد الذي قضيت فيه مخرجه، فسبحانك لا إله إلاّ أنت، أيّ صلب أسكنته فيه ولم ترفع ذكره، وأي نبي بشّر به فلم يتقدّم في الأسماء اسمه، ثمّ أذنتَ للنضر في قبوله وإيداعه مالكاً، ثمّ من بعد مالك فهراً، ثمّ خصصت من وُلد فهر غالباً، وجعلتَ كلّ مَن تنقله إليه لحرمك حتّى قبله لؤي بن غالب أنّ له حركة تقديسه، فلم تودعه مِن بعده صلباً إلاّ حللته نوراً تأنس به الأبصار وتطمئنّ إليه القلوب، ولم تزل الآباء تحمله والأصلاب تنقله، كلّما أنزلته ساحة صلب جعلتَ له فيها صنعاً يحثّ العقول على طاعته ويدعوها، حتّى نقلتَه إلى هاشم خير آبائه بعد إسماعيل، فأي أب وجد ووالد أسرة ومجتمع عترة ومخرج طُهْر ومرجع فَخْر جعلتَ يا رب هاشماً، لقد أقمتَه لدن بيتك وجعلتَ له المشاعر والمتاجر، ثمّ نقلتَه من هاشم إلى عبد المطّلب، فأنْهجتَه سبيل إبراهيم، وألْهمتَه رشداً للتأويل وتفصيل الحق، ووهبتَ له عبد الله وأبا طالب وحمزة، وفديت في القربان بعبد الله كسِمَتِكَ في إبراهيم بإسماعيل، ووسمْتَ بأبي طالب في وُلده كسِمَتِكَ في إسحاق كتقديمك عليهم وصفوة لهم).

المصدر:

  • كتاب الوصية – المسعودي (ت 346 هـ)
  • بحار الأنوار – ج 54 / صفحة 171 – العلامة المجلسي (ت 1111 هـ)